حينما تبدأ عصافير البطن تُزقزق، كما يُقال، ويتضور المرء جوعاً وهو يرى شيئاً من المكسرات أو بعض الفواكه أو قطعاً من البسكويت، فليس من الحكمة الامتناع عن تناول أي منها، وتفضيل، بدلاً من ذلك، الانتظار لساعات حتى حلول موعد وجبة الغداء أو العشاء.
بل الحقيقة أن الوجبات الخفيفة، التي يتناولها المرء بين إحدى الوجبات الرئيسية حينما يشعر بالجوع، يُمكن استثمارها صحياً ضمن برامج التغذية اليومية السليمة للبالغين وللأطفال أيضاً.
وإحساس البعض بالذنب، نتيجة أكله وجبات خفيفة أثناء اليوم، وظنه أن ذلك من الإضرار بصحة ووزن الجسم، لا مبرر له البتة، لأن الأصل في التغذية الصحية هو أن يكون المرء تناول عددا من الوجبات طوال اليوم، ما بين 5 أو 6 وجبات، وأن تحتوي كل وجبة من تلك الوجبات على كميات قليلة من طاقة السعرات الحرارية (كالوري).
بحيث تكون كمية طاقة كامل الوجبات الغذائية التي يتناولها الإنسان طوال اليوم ضمن الحد اللازم له للحفاظ على وزن طبيعي للجسم أو لبلوغ ذلك الوزن الطبيعي له، مع عدم التعرض للجوع الشديد حينما يكون عدد الوجبات فقط وجبتين أو ثلاثا.
فوائد الوجبات الخفيفة
* وفق الإرشادات الصحية للتغذية اللازمة للجسم، والتي تحرص الهيئات الطبية العالمية على تثقيف الناس بها، تتبدى لنا أهمية الوجبات الخفيفة، بل ضرورتها للبعض. والتي تشمل:
أولاً: ضبط الشعور بالجوع. ولأن ثمة فرقا بين عدم الشعور بالشبع والتخمة وبين الشعور بالجوع، فإن تأثيرات الشعور بالجوع هي الإقبال على تناول كميات من الطعام أثناء الوجبة التالية، ما يحرم الإنسان من فائدة العمل على تقليل طاقة كامل الوجبات الغذائية اليومية.
وإن كان الطفل يبدأ بالصراخ عند شعوره بالجوع، كفعل نراه صبيانياً متناسباً مع قدراته على التعبير، فإن من هو أكبر منه يعمد إلى تصرفات غير حكيمة، لكن من نوع آخر، ألا وهي الإقبال على التهام كميات أكبر من الأطعمة عند أول فرصة تتوفر له ودون إدراك منه بحقيقة ما يفعله.
وحتى اليوم لا تتوفر أدلة علمية واضحة على جدوى وفائدة شعور الإنسان بالجوع، لجسمه الطبيعي، بل يُعاني البعض آنذاك من ضعف في قدرات التركيز الذهني وبوهن في أداء المجهود البدني وبالصداع وبالتوتر النفسي وبغيره من الأعراض غير الطبيعية. هذا مع إعادة التأكيد على الفرق بين عدم الشعور بالشبع وبين الشعور بالجوع.
ثانياً: إمداد الجسم بكمية مُضافة متواصلة من الطاقة ومن العناصر الغذائية تُعين الإنسان على الاستمرار في العمل والنشاط. وهو ما يتحقق من تناول وجبات خفيفة أثناء ساعات النهار في العمل أو أثناء فترات الدراسة.
والواقع أن الجسم لا يحتاج، بل لا يُفضل العمل بنظام التخزين إن توفر له نظام الإمداد الدائم والمتواصل بالغذاء أثناء فترات اليقظة والوعي.
ويعني هذا أن ثمة فرقا بين حالات النوم التي يرتاح الجسم فيها ولا يتناول المرء فيها الأطعمة، وبين حالات اليقظة التي ينشط المرء فيها بدنياً وذهنياً.
وأبسط الأمثلة على ذلك تناول السكريات، لأن الجسم بدءا من الجهاز الهضمي ووصولاً إلى خلايا الدماغ والعضلات وغيرها، يُفضل أن نتناول السكريات بطريقة لا تُؤدي إلى ارتفاع منسوب السكر في الدم بشكل صاروخي مُؤقت، لأن هذا يضطر الجسم أن يُفرز كميات عالية من هرمون الأنسولين كي تعمل على خفض تلك النسبة العالية للسكريات سريعاً من الدم.
وهو ما يحصل عند تناول السكريات سهلة الهضم، حيث يمتصها الجسم بسهولة.
والأفضل هو تناول السكريات الممتزجة بالألياف أو الدهون، لأن الدهون أو الألياف كلاهما يعمل على بطء امتصاص الأمعاء للسكريات.
ولذا يُفضل تناول الحبوب الكاملة غير المقشرة كما في دقيق القمح الأسمر أو حبوب الشوفان أو في الفواكه عموماً، مقارنة بتناول السكر المجرد في المشروبات أو المأكولات الخالية من الألياف أو شيء من الدهون. والسابقون كانوا أذكى منّا حينما كانوا يتناولون التمر مع شيء من اللبن أو المكسرات أو حتى قليل من السمن.
ثالثاً: تلبية احتياجات من معدتهم صغيرة ولا تتقبل تناول وجبات كبيرة الحجم. وهو الهدف الذي يسعى له الكل، ألا وهو امتلاك معدة صغيرة الحجم. وهو بالضبط ما تُحاول عمليات تحزيم المعدة فعله بالناس.
ولو أمكن الإنسان بناء معدة صغيرة في جسمه، عبر التعود على جعل الوجبات الغذائية قليلة الحجم وتناول الطعام في عدة وجبات، وليس ثلاث فقط، فإنه سيضبط الشعور بالجوع وسيُمد الجسم بحاجته من العناصر الغذائية بصفة متواصلة، وسيحفظ نفسه من دون اللجوء القسري والاضطراري إلى عمليات تقطيعها وصناعة الخرائط والمتاهات والأنفاق فيها جراحياً، المسماة بـ«عمليات تحزيم المعدة»، وهي في حقيقة الأمر أبعد ما تكون عن ذلك.
والإنسان بالأصل لديه معدة صغيرة أو متوسطة الحجم بالنسبة لكامل حجم جسمه. وهو ما يظهر جلياً في حجم معدة الطفل بالنسبة لحجم جسمه كله.
ولأن المعدة عبارة عن ألياف عضلية قابلة للشد والتمدد، فإن تعود المرء على حشوها بكميات كبيرة من الطعام سيُؤدي لا محالة إلى كبر حجمها تدريجياً. إلى أن يصل حجم المعدة كبيراً، وبالتالي تُصبح المعدة متطلبة من الإنسان تناول كميات كبيرة لتعبئتها وسد جوعها، ومن ثم تظهر السمنة وتبعاتها.
اختيار الوجبات الخفيفة
* يقول الباحثون من مايو كلينك إن أسس اختيار مكونات الوجبات الخفيفة هي أن تكون مما يسد الشعور بالجوع ويُمد الجسم بالطاقة ويُزوده بالعناصر الغذائية اللازمة. وثمة اختيارات واسعة يُمكن للمرء منها أن يتناول ما يُحب. ولعل من أفضلها:
ـ الحبوب الكاملة. لأنها تحتوي على السكريات بصحبة الألياف، وتمد بالتالي الجسم بشكل متواصل من الطاقة وبكميات منخفضة طوال الوقت. هذا إضافة إلى محتواها من الفيتامينات والمعادن وتدني محتواها من الدهون. لكن الحرص هو على المنتجات الطبيعية لها، وليس المصنعة على هيئات عالية المحتوى من السكر أو الملح أو الدهون. وثمة هيئات مختلفة لها كشرائح الخبز الأسمر أو الفشار أو غيرهما.
ـ الخضار والفواكه، وهي ما يُعطي تناولها شعوراً بامتلاء المعدة وسد جوعها، مع محتواها المتدني من السكريات والدهون، إضافة إلى غناها بالمعادن والفيتامينات والألياف والمواد المضادة للأكسدة في صبغاتها الملونة من حمراء وصفراء وخضراء وبنفسجية وبيضاء.
ـ المكسرات والبقول. وهي التي يغفل الكثيرون فائدتها العالية نظراً لمحتوياتها الجيدة من البروتينات ومن الزيوت النباتية غير المشبعة والطبيعية غير المُهدرجة. لكن الكثيرين يُفسدون تلك الفوائد إما بالتمادي في إضافة الملح إليها عند الإعداد أو التمادي في تناولها بكميات كبيرة.
ـ مشتقات الألبان قليلة أو منزوعة الدسم، مثل الحليب أو اللبن الزبادي. وهي تسد الشعور بالجوع وتملأ المعدة وغنية بالكالسيوم والفيتامينات.
وهذه الاختيارات المتنوعة يجب أن تكون خاضعة في الكمية والنوعية لضوابط تحديد كمية طاقة السعرات الحرارية فيها وأن تكون طبيعية خالية من الإضافات التي تُفسد على الإنسان جني فوائدها.
الذكاء في إعداد وجبات الأطعمة.. أساس التغذية الصحية
يتمثل الذكاء في وضع برنامج التغذية الصحية خلال اليوم، في مراعاتنا ثلاثة أمور:
الأول : العمل الجاد على بقاء وزن الجسم ضمن المعدل الطبيعي له والمحافظة عليه كذلك طوال الوقت.
الثاني : تحقيق رغبات الإنسان في تناول ما تشتهيه نفسه من أنواع وأصناف الطعام للتلذذ بها، مع عدم الاضطرار إلى المعاناة من الشعور بالجوع والتألم نتيجة لذلك.
الثالث : تأمين احتياجات الجسم من العناصر الغذائية الرئيسية، وهي البروتينات والسكريات والدهون. وأيضاً تأمين احتياجاته من الفيتامينات والمعادن التي ليس بمقدور الإنسان الحصول عليها إلا من خلال المنتجات الغذائية.
ويتحقق العنصر الأول من خلال تحديد كمية طاقة الطعام الذي يجب على المرء تناوله خلال اليوم وعدم تجاوز الكمية تلك.
وتُقدر طاقة كمية معينة من المنتجات الغذائية بوحدات كالورى سعر حراري، ضمن جداول خاصة لكمية ما في تلك المنتجات الغذائية من البروتينات والسكريات والدهون، لأن كل غرام من البروتينات أو السكريات يُعطي 4.2 كالوري، وكل غرام من الدهون يُعطي 8.4 كالوري.
ويتم تحديد كمية كامل الطاقة من السعرات الحرارية اللازم تناولها من قبل الإنسان يومياً بحسب وزن جسمه حالياً وعمره وجنسه ومدى نشاطه البدني ومستوى نمو جسمه أثناء تلك الفترة من العمر.
وبشكل تقريبي عام، لمن أوزانهم ضمن المعدلات الطبيعية، فإن الأطفال ما بين سن 2 إلى 6 سنوات، والنساء الكبار في السن القليلات الحركة البدنية، يكفيهم تناول 1600 كالوري يومياً.
والأطفال الأكبر سناً، والنساء النشيطات في الحركة البدنية، والرجال متوسطو الحركة البدنية، يكفيهم حوالي 2200 كالوري يومياً.
والمراهقون من الذكور وعموم الرجال النشيطون في العمل يحتاجون حوالي 2800 كالوري يومياً.
لكن مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الكميات من الطاقة الغذائية اليومية وُضعت مع مراعاة ممارسة قدر من الرياضة البدنية المتوسطة بشكل شبه يومي.
ويتحقق العنصر الثاني من خلال تقسيم كمية طاقة الطعام اليومي على ثلاث وجبات رئيسية، ووجبتين أو ثلاث خفيفتين، وذلك طوال اليوم. ومن ثم ينظر المرء، بمعونة أخصائيي التغذية، في محتوى كمية الطاقة التي تُوجد في الأصناف المتنوعة من الأطعمة المتوفرة لديه في مجتمعه، أو التي يُحب تناولها، أو التي لها فوائد صحية.
ومن ثم يُكون محتوى وكمية وجباته الرئيسية ووجباته الخفيفة التي عليه تناولها طوال اليوم. وذلك كله لمنع شعور المرء بالجوع.
ويتحقق العنصر الثالث من خلال اتباع برنامج متوازن ومتنوع لتناول المنتجات الغذائية التي تحتوي على تلك العناصر، وذلك ضمن الخطوط العامة للتغذية الصحية التي تشمل أن تكون نسبة السكريات حوالي 55% من كامل طاقة الغذاء اليومي، وأن تكون نسبة الدهون 30%، ونسبة البروتينات 15%، من كامل طاقة الغذاء اليومي.
ويتم تأمين المعادن كالحديد والنحاس والزنك والبوتاسيوم والمغنسيوم وغيرها، والفيتامينات بأنواعها، ومضادات الأكسدة وغيرها، من خلال الأطعمة التي تحتويها بنسب متفاوتة.
هذا كله ضمن التشديد على ثلاثة ضوابط رئيسية للتغذية الصحية، الأولى تناول الفواكه والخضار، وبألوان متنوعة، والحبوب الكاملة غير المقشرة، والحليب ومشتقات الألبان المنزوعة الدسم أو منخفضة المحتوى منه.
والثانية الحرص على تناول اللحوم الحمراء المنزوعة الدهون، لحم الهبر، وتناول الأسماك مرتين أسبوعياً والحرص على البقول والبيض والمكسرات والدواجن، كلها كمصادر للبروتينات وغيرها من العناصر الغذائية المهمة.
والثالثة الالتزام بشكل عام وبحرص شديد على تناول المنتجات الغذائية المنخفضة المحتوى من الدهون المشبعة والخالية تماماً من الدهون المتحولة، مع الاستعاضة عنهما بتناول المنتجات المحتوية على الدهون غير المشبعة، كالتي في الزيوت النباتية والأسماك والمكسرات.
وبالتالي يتحقق في السلوك الغذائي تلبية رغبات الإنسان وما تشتهيه نفسه من التلذذ بنعمة الطعام، وأيضاً تلبية حاجات جسمه وضرورات المحافظة على صحته
بل الحقيقة أن الوجبات الخفيفة، التي يتناولها المرء بين إحدى الوجبات الرئيسية حينما يشعر بالجوع، يُمكن استثمارها صحياً ضمن برامج التغذية اليومية السليمة للبالغين وللأطفال أيضاً.
وإحساس البعض بالذنب، نتيجة أكله وجبات خفيفة أثناء اليوم، وظنه أن ذلك من الإضرار بصحة ووزن الجسم، لا مبرر له البتة، لأن الأصل في التغذية الصحية هو أن يكون المرء تناول عددا من الوجبات طوال اليوم، ما بين 5 أو 6 وجبات، وأن تحتوي كل وجبة من تلك الوجبات على كميات قليلة من طاقة السعرات الحرارية (كالوري).
بحيث تكون كمية طاقة كامل الوجبات الغذائية التي يتناولها الإنسان طوال اليوم ضمن الحد اللازم له للحفاظ على وزن طبيعي للجسم أو لبلوغ ذلك الوزن الطبيعي له، مع عدم التعرض للجوع الشديد حينما يكون عدد الوجبات فقط وجبتين أو ثلاثا.
فوائد الوجبات الخفيفة
* وفق الإرشادات الصحية للتغذية اللازمة للجسم، والتي تحرص الهيئات الطبية العالمية على تثقيف الناس بها، تتبدى لنا أهمية الوجبات الخفيفة، بل ضرورتها للبعض. والتي تشمل:
أولاً: ضبط الشعور بالجوع. ولأن ثمة فرقا بين عدم الشعور بالشبع والتخمة وبين الشعور بالجوع، فإن تأثيرات الشعور بالجوع هي الإقبال على تناول كميات من الطعام أثناء الوجبة التالية، ما يحرم الإنسان من فائدة العمل على تقليل طاقة كامل الوجبات الغذائية اليومية.
وإن كان الطفل يبدأ بالصراخ عند شعوره بالجوع، كفعل نراه صبيانياً متناسباً مع قدراته على التعبير، فإن من هو أكبر منه يعمد إلى تصرفات غير حكيمة، لكن من نوع آخر، ألا وهي الإقبال على التهام كميات أكبر من الأطعمة عند أول فرصة تتوفر له ودون إدراك منه بحقيقة ما يفعله.
وحتى اليوم لا تتوفر أدلة علمية واضحة على جدوى وفائدة شعور الإنسان بالجوع، لجسمه الطبيعي، بل يُعاني البعض آنذاك من ضعف في قدرات التركيز الذهني وبوهن في أداء المجهود البدني وبالصداع وبالتوتر النفسي وبغيره من الأعراض غير الطبيعية. هذا مع إعادة التأكيد على الفرق بين عدم الشعور بالشبع وبين الشعور بالجوع.
ثانياً: إمداد الجسم بكمية مُضافة متواصلة من الطاقة ومن العناصر الغذائية تُعين الإنسان على الاستمرار في العمل والنشاط. وهو ما يتحقق من تناول وجبات خفيفة أثناء ساعات النهار في العمل أو أثناء فترات الدراسة.
والواقع أن الجسم لا يحتاج، بل لا يُفضل العمل بنظام التخزين إن توفر له نظام الإمداد الدائم والمتواصل بالغذاء أثناء فترات اليقظة والوعي.
ويعني هذا أن ثمة فرقا بين حالات النوم التي يرتاح الجسم فيها ولا يتناول المرء فيها الأطعمة، وبين حالات اليقظة التي ينشط المرء فيها بدنياً وذهنياً.
وأبسط الأمثلة على ذلك تناول السكريات، لأن الجسم بدءا من الجهاز الهضمي ووصولاً إلى خلايا الدماغ والعضلات وغيرها، يُفضل أن نتناول السكريات بطريقة لا تُؤدي إلى ارتفاع منسوب السكر في الدم بشكل صاروخي مُؤقت، لأن هذا يضطر الجسم أن يُفرز كميات عالية من هرمون الأنسولين كي تعمل على خفض تلك النسبة العالية للسكريات سريعاً من الدم.
وهو ما يحصل عند تناول السكريات سهلة الهضم، حيث يمتصها الجسم بسهولة.
والأفضل هو تناول السكريات الممتزجة بالألياف أو الدهون، لأن الدهون أو الألياف كلاهما يعمل على بطء امتصاص الأمعاء للسكريات.
ولذا يُفضل تناول الحبوب الكاملة غير المقشرة كما في دقيق القمح الأسمر أو حبوب الشوفان أو في الفواكه عموماً، مقارنة بتناول السكر المجرد في المشروبات أو المأكولات الخالية من الألياف أو شيء من الدهون. والسابقون كانوا أذكى منّا حينما كانوا يتناولون التمر مع شيء من اللبن أو المكسرات أو حتى قليل من السمن.
ثالثاً: تلبية احتياجات من معدتهم صغيرة ولا تتقبل تناول وجبات كبيرة الحجم. وهو الهدف الذي يسعى له الكل، ألا وهو امتلاك معدة صغيرة الحجم. وهو بالضبط ما تُحاول عمليات تحزيم المعدة فعله بالناس.
ولو أمكن الإنسان بناء معدة صغيرة في جسمه، عبر التعود على جعل الوجبات الغذائية قليلة الحجم وتناول الطعام في عدة وجبات، وليس ثلاث فقط، فإنه سيضبط الشعور بالجوع وسيُمد الجسم بحاجته من العناصر الغذائية بصفة متواصلة، وسيحفظ نفسه من دون اللجوء القسري والاضطراري إلى عمليات تقطيعها وصناعة الخرائط والمتاهات والأنفاق فيها جراحياً، المسماة بـ«عمليات تحزيم المعدة»، وهي في حقيقة الأمر أبعد ما تكون عن ذلك.
والإنسان بالأصل لديه معدة صغيرة أو متوسطة الحجم بالنسبة لكامل حجم جسمه. وهو ما يظهر جلياً في حجم معدة الطفل بالنسبة لحجم جسمه كله.
ولأن المعدة عبارة عن ألياف عضلية قابلة للشد والتمدد، فإن تعود المرء على حشوها بكميات كبيرة من الطعام سيُؤدي لا محالة إلى كبر حجمها تدريجياً. إلى أن يصل حجم المعدة كبيراً، وبالتالي تُصبح المعدة متطلبة من الإنسان تناول كميات كبيرة لتعبئتها وسد جوعها، ومن ثم تظهر السمنة وتبعاتها.
اختيار الوجبات الخفيفة
* يقول الباحثون من مايو كلينك إن أسس اختيار مكونات الوجبات الخفيفة هي أن تكون مما يسد الشعور بالجوع ويُمد الجسم بالطاقة ويُزوده بالعناصر الغذائية اللازمة. وثمة اختيارات واسعة يُمكن للمرء منها أن يتناول ما يُحب. ولعل من أفضلها:
ـ الحبوب الكاملة. لأنها تحتوي على السكريات بصحبة الألياف، وتمد بالتالي الجسم بشكل متواصل من الطاقة وبكميات منخفضة طوال الوقت. هذا إضافة إلى محتواها من الفيتامينات والمعادن وتدني محتواها من الدهون. لكن الحرص هو على المنتجات الطبيعية لها، وليس المصنعة على هيئات عالية المحتوى من السكر أو الملح أو الدهون. وثمة هيئات مختلفة لها كشرائح الخبز الأسمر أو الفشار أو غيرهما.
ـ الخضار والفواكه، وهي ما يُعطي تناولها شعوراً بامتلاء المعدة وسد جوعها، مع محتواها المتدني من السكريات والدهون، إضافة إلى غناها بالمعادن والفيتامينات والألياف والمواد المضادة للأكسدة في صبغاتها الملونة من حمراء وصفراء وخضراء وبنفسجية وبيضاء.
ـ المكسرات والبقول. وهي التي يغفل الكثيرون فائدتها العالية نظراً لمحتوياتها الجيدة من البروتينات ومن الزيوت النباتية غير المشبعة والطبيعية غير المُهدرجة. لكن الكثيرين يُفسدون تلك الفوائد إما بالتمادي في إضافة الملح إليها عند الإعداد أو التمادي في تناولها بكميات كبيرة.
ـ مشتقات الألبان قليلة أو منزوعة الدسم، مثل الحليب أو اللبن الزبادي. وهي تسد الشعور بالجوع وتملأ المعدة وغنية بالكالسيوم والفيتامينات.
وهذه الاختيارات المتنوعة يجب أن تكون خاضعة في الكمية والنوعية لضوابط تحديد كمية طاقة السعرات الحرارية فيها وأن تكون طبيعية خالية من الإضافات التي تُفسد على الإنسان جني فوائدها.
الذكاء في إعداد وجبات الأطعمة.. أساس التغذية الصحية
يتمثل الذكاء في وضع برنامج التغذية الصحية خلال اليوم، في مراعاتنا ثلاثة أمور:
الأول : العمل الجاد على بقاء وزن الجسم ضمن المعدل الطبيعي له والمحافظة عليه كذلك طوال الوقت.
الثاني : تحقيق رغبات الإنسان في تناول ما تشتهيه نفسه من أنواع وأصناف الطعام للتلذذ بها، مع عدم الاضطرار إلى المعاناة من الشعور بالجوع والتألم نتيجة لذلك.
الثالث : تأمين احتياجات الجسم من العناصر الغذائية الرئيسية، وهي البروتينات والسكريات والدهون. وأيضاً تأمين احتياجاته من الفيتامينات والمعادن التي ليس بمقدور الإنسان الحصول عليها إلا من خلال المنتجات الغذائية.
ويتحقق العنصر الأول من خلال تحديد كمية طاقة الطعام الذي يجب على المرء تناوله خلال اليوم وعدم تجاوز الكمية تلك.
وتُقدر طاقة كمية معينة من المنتجات الغذائية بوحدات كالورى سعر حراري، ضمن جداول خاصة لكمية ما في تلك المنتجات الغذائية من البروتينات والسكريات والدهون، لأن كل غرام من البروتينات أو السكريات يُعطي 4.2 كالوري، وكل غرام من الدهون يُعطي 8.4 كالوري.
ويتم تحديد كمية كامل الطاقة من السعرات الحرارية اللازم تناولها من قبل الإنسان يومياً بحسب وزن جسمه حالياً وعمره وجنسه ومدى نشاطه البدني ومستوى نمو جسمه أثناء تلك الفترة من العمر.
وبشكل تقريبي عام، لمن أوزانهم ضمن المعدلات الطبيعية، فإن الأطفال ما بين سن 2 إلى 6 سنوات، والنساء الكبار في السن القليلات الحركة البدنية، يكفيهم تناول 1600 كالوري يومياً.
والأطفال الأكبر سناً، والنساء النشيطات في الحركة البدنية، والرجال متوسطو الحركة البدنية، يكفيهم حوالي 2200 كالوري يومياً.
والمراهقون من الذكور وعموم الرجال النشيطون في العمل يحتاجون حوالي 2800 كالوري يومياً.
لكن مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الكميات من الطاقة الغذائية اليومية وُضعت مع مراعاة ممارسة قدر من الرياضة البدنية المتوسطة بشكل شبه يومي.
ويتحقق العنصر الثاني من خلال تقسيم كمية طاقة الطعام اليومي على ثلاث وجبات رئيسية، ووجبتين أو ثلاث خفيفتين، وذلك طوال اليوم. ومن ثم ينظر المرء، بمعونة أخصائيي التغذية، في محتوى كمية الطاقة التي تُوجد في الأصناف المتنوعة من الأطعمة المتوفرة لديه في مجتمعه، أو التي يُحب تناولها، أو التي لها فوائد صحية.
ومن ثم يُكون محتوى وكمية وجباته الرئيسية ووجباته الخفيفة التي عليه تناولها طوال اليوم. وذلك كله لمنع شعور المرء بالجوع.
ويتحقق العنصر الثالث من خلال اتباع برنامج متوازن ومتنوع لتناول المنتجات الغذائية التي تحتوي على تلك العناصر، وذلك ضمن الخطوط العامة للتغذية الصحية التي تشمل أن تكون نسبة السكريات حوالي 55% من كامل طاقة الغذاء اليومي، وأن تكون نسبة الدهون 30%، ونسبة البروتينات 15%، من كامل طاقة الغذاء اليومي.
ويتم تأمين المعادن كالحديد والنحاس والزنك والبوتاسيوم والمغنسيوم وغيرها، والفيتامينات بأنواعها، ومضادات الأكسدة وغيرها، من خلال الأطعمة التي تحتويها بنسب متفاوتة.
هذا كله ضمن التشديد على ثلاثة ضوابط رئيسية للتغذية الصحية، الأولى تناول الفواكه والخضار، وبألوان متنوعة، والحبوب الكاملة غير المقشرة، والحليب ومشتقات الألبان المنزوعة الدسم أو منخفضة المحتوى منه.
والثانية الحرص على تناول اللحوم الحمراء المنزوعة الدهون، لحم الهبر، وتناول الأسماك مرتين أسبوعياً والحرص على البقول والبيض والمكسرات والدواجن، كلها كمصادر للبروتينات وغيرها من العناصر الغذائية المهمة.
والثالثة الالتزام بشكل عام وبحرص شديد على تناول المنتجات الغذائية المنخفضة المحتوى من الدهون المشبعة والخالية تماماً من الدهون المتحولة، مع الاستعاضة عنهما بتناول المنتجات المحتوية على الدهون غير المشبعة، كالتي في الزيوت النباتية والأسماك والمكسرات.
وبالتالي يتحقق في السلوك الغذائي تلبية رغبات الإنسان وما تشتهيه نفسه من التلذذ بنعمة الطعام، وأيضاً تلبية حاجات جسمه وضرورات المحافظة على صحته